ما هي فلسفة وحدة الوجود

 

ما هي فلسفة وحدة الوجود
رحلة في معرفة الاله
فلسفة وحدة الوجود
====================================
خلينا نبدأ ببساطة خالص :
تخيل إنك واقف في مكان واسع جدا، حواليك الطبيعة كلها : جبال، أنهار، سماء، كائنات حية، وحتى النجوم والمجرات. لو سألت نفسك: فين ربنا ؟
في اغلب المعتقدات الاله خلق الكون موجود فيها اله شخصي او اله عاقل و قادر او اله منفصل عموما يعني في تمييز بين الخالق و المخلوق.
لكن في فكرة "وحدة الوجود" أو البانثيزم، الإجابة هتكون : ربنا هو الكون نفسه، والكون هو ربنا، مفيش انفصال بينهم.
الفكرة دي ممكن تكون غريبة شوية للي متعود يفكر بالطريقة العقائدية التقليدية، بس هي ليها تاريخ طويل جدا من الفلسفة والدين، ومش مرتبطة بديانة معينة بس، لأ دي ظهرت في حضارات مختلفة: من الهندوسية والصوفية، لحد الفلسفة الغربية مع سبينوزا و هيجل .
====================================
ايه هو وحدة الوجود بشكل تفصيلي للكلمة ؟
كلمة Pantheism
جاية من كلمتين يوناني :
Pan = الكل أو كل شيء
Theos = الإله
يعني "الإله هو كل شيء" أو "كل شيء هو الإله".
في العربي، بيتقال عليها :
وحدة الوجود (إن وجود ربنا والكون واحد).
أو ساعات وحدة الكيان أو الكلية الإلهية.
ممكن تبسيط الفكرة بتشبيه رمزي : تخيل أن الله هو البحر العظيم، وأن كل شيء في الكون أنت، وأنا، والكواكب، والنجوم هو مجرد موجات على سطح البحر. الموجة شكلها كيان منفصل، لها شكلها وحركتها، لكنها في حقيقتها مجرد البحر نفسه في حالة حركة. هي من البحر وإلى البحر تعود، و ملهاش وجود من غيره
الفكرة ببساطة :
مفيش حاجة اسمها ربنا "بره" الكون أو "منفصل" عنه.
كل اللي انت شايفه حواليك الطبيعة، البشر، القوانين الكونية هو "تجلّي" أو "ظهور" للإله.
وبالتالي، مفيش تمييز حقيقي بين الخالق والمخلوق.
ومن المهم هنا التوضيح أن وحدة الوجود، في شكلها الفلسفي، مش معناها عبادة الطبيعة كأصنام زي في الوثنية القديمة، بل هي رؤية أعمق تعتبر الكون تجلي مقدس لحقيقة واحدة. كما يجب تمييزها عن فكرة الحلولية (Panentheism) الي هشرحها بعدين، الي بتقول إن الله في الكون ولكنه أيضاً أعظم وأشمل منه
يعني :
يعني بدل ما تقول :
الله خلق الكون و بيراقبه من برة
البانثيست هيقولك :
لأ، الله والكون حاجة واحدة، مفيش فصل بينهم.
الفكرة دي ساعات بتتقال بصيغ مختلفة :
فيه ناس تقول "الله في كل شيء".
فيه ناس تقول "كل شيء هو الله".
فيه ناس تقول "الله والكون هما نفس الحقيقة".
ودي فكرة بتشد ناس كتير لأنها بتحسسك إنك قريب من ربنا، أو حتى إنك جزء من ربنا نفسه. بس برضه ناس تانية بترفضها لأنها بتشوفها ضد فكرة إن ربنا منفصل و لاسباب اخري هشرحها بعدين.
====================================
و كمان وحدة الوجود مش شئ جديد بل ده قديم جدا من الالاف السنين و له جذور تاريخية :
الهندوسية والفيدانتية و البوذية :
في الفلسفة الهندية، فيه حاجة اسمها أدفايتا فيدانتا
(Advaita Vedanta)
بتقول إن الحقيقة المطلقة (براهمان) هي كل حاجة، وإن الفرد (آتمن) في الآخر هو نفس الحقيقة دي. يعني مفيش فرق بين نفسك العميقة وربنا.
يعني الهندوسية عندها فكرة "براهما" كالإله المطلق اللي هو كل حاجة
البوذية (خاصة الماهايانا) عندها مفهوم قريب اسمه "شونية" أو "الفراغ العظيم" اللي كل الكائنات تجلياته
====
الرواقيين (Stoics) :
الفلاسفة الرواقيين في اليونان والرومان كانوا شايفين إن فيه "عقل كوني" أو "لوغوس" بيملا الكون كله، وكل حاجة جزء من العقل ده.
الرواقية شافت إن الطبيعة كلها مليانة بـ"العقل الكوني" (Logos).
هيراقليطس مثلا كان شايف إن الإله هو القانون اللي بينظم الكون.
====
الأفلاطونية الحديثة (Neoplatonism) :
الفيلسوف أفلوطين (Plotinus) كان بيتكلم عن "الواحد" اللي كل حاجة صدرت منه، وإنك لما تتعمق هترجع للواحد ده، يعني كل الكائنات في الآخر متصلة بنفس الأصل.
و من كلامه النص قال :
"الواحدُ الأوَّلُ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَا فِي مَكَانٍ"
في كتابه Enneads
====
فكرة وحدة الوجود ظهرت كمان عند ابن عربي، وكان بيقول إن الوجود الحقيقي هو وجود الله، وإن العالم كله "تجلّي" أو "ظهور" لربنا، يعني مفيش وجود حقيقي غيره. وده اللي خلا ناس كتير تتهمه إنه بيقول إن الله والعالم حاجة واحدة، رغم إنه كان بيقول إن فيه فرق في المرتبة مش بالضرورة في الحقيقة.
====
في الفلسفة الغربية الحديثة
الفيـلسوف باروخ سبينوزا (Spinoza) في القرن ال17 كان أشهر حد بيقول إن الله والطبيعة هما حاجة واحدة. كان بيستخدم كلمة "الله/الطبيعة" (Deus sive Natura) وده خلا الكنيست يعتبره ملحد، لكن هو كان شايف نفسه مؤمن بطريقته.
وقبل سبينوزا بقرن تقريبا، كان في الفيلسوف الإيطالي جيوردانو برونو اتقتل لأفكاره الجريئة. لان برون شاف أن الكون لا نهائي، وأن الله هو روح هذا الكون اللانهائي، حال فيه ومتحد معه. الأفكار ديه اعتبرتها الكنيسة هرطقة كبرى، إلى في الاخر تم إعدامه بالحرق عام 1600، و ده يخليه شهيد مبكر للفكر الحر الي بيشوف الإله في الطبيعة
====================================
نيجي هنا للتأسيس الفلسفي للفكرة
تعالى نحللها مع بعض بحسب فهم معتنقي او مويدي هذه الفلسفة :
لو ربنا خلق كل حاجة من العدم، يبقى هو المصدر الوحيد للوجود. طيب لو مفيش غير ربنا اللي وجوده حقيقي، يبقى وجودنا إحنا إيه؟ مجرد مظهر من مظاهره ؟ ولا وجود مستقل ؟
فيه ناس بتقول: لو قلت إن وجودنا مستقل تمامًا عن ربنا، يبقى كأنك بتعمل "وجودين" واحد للخالق وواحد للمخلوق وساعتها إزاي يبقى هو المطلق اللي مفيش زيه؟
أما اللي بيقولوا بوحدة الوجود بيقولوا : لو ربنا مطلق وكامل، مينفعش يبقى فيه حاجة خارجة عنه. كل حاجة لازم تكون جواه، أو هي تجليه.
====
مش شئ واحد بل لها انواع كمان : ده يجبنا لنقطة اخري هو ان وحدة الوجود
مش كل اللي بيتكلم عن البانثيزم قصده نفس المعنى فيه أنواع كتيرة جدا :
عشان نفهم الفكرة بشكل أوضح، لازم تلخيص الفروقات الجوهرية بين أشهر أنواعها بعدين نشرح تفصيلي :
الصوفية : تركز على التجربة الروحانية والوجدانية للاتحاد بالله.
الفلسفية : تعتمد على التحليل المنطقي والعقلي لإثبات أن الله والطبيعة حقيقة واحدة.
الطبيعية : رؤية علمانية تقدس الكون وقوانينه دون الإشارة لإله شخصي.
الحلولية (Panentheism) : تعتبر حلاً وسطاً، حيث الكون جزء من الله، لكن الله يظل أعظم وأشمل من الكون."
============
وحدة الوجود الصوفية :
دي بنلاقيها عند ناس زي ابن عربي في التصوف الإسلامي، أو حتى في الهندوسية والبوذية.
ابن العربي بيقول :
"فَسُبْحَانَ مَنْ أَظْهَرَ الْأَشْيَاءَ وَهُوَ عَيْنُهَا"
"فصوص الحكم"، الفص الأول (حكمة إلهية في كلمة آدمية)
"مَنْ كَانَ وُجُودُهُ بِغَيْرِهِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ"
الفتوحات المكية"، المجلد ٢، الصفحة ٣٢٦
"فَالْحَقُّ خَلْقٌ بِهَذَا الْوَجْهِ فَاعْتَبِرُوا... وَلَيْسَ خَلْقًا بِهَذَا الْوَجْهِ فَأَدْرِكُوا"
الفتوحات المكية"، المجلد ١، الصفحة ١٨٤
"لَا مُوجُودَ بِحَقٍّ إِلَّا اللهُ، وَالْكَوْنُ وَإِنْ تَكَثَّرَتْ عِدَّتُهُ مِنْهُ وَإِلَى عُلَاهُ يَبْدُو وَيَعُودُ"
قصيدة ضمن "الفتوحات المكية"، المجلد ٤
=====
الهندوسية شايفة إن "براهما" (الإله الأعلى) هو الكل، وإن الروح الفردية (آتمن) ما هي إلا براهما في صورة محدودة.
=============
وحدة الوجود الفلسفية
ودي بقى اللي اشتغل عليها فلاسفة زي باروخ سبينوزا (اللي هفصله قدام).
هنا الفكرة مش روحية ولا صوفية، دي فلسفية ومنطقية : لو فيه إله فعلاً، فهو مش ممكن يكون منفصل عن الكون، لأنه لو منفصل يبقى فيه وجودين (وجود ربنا ووجود الكون)، وده معناه إن ربنا محدود.
بالتالي، الإله عند سبينوزا هو الطبيعة نفسها (Nature = God).
=============
وحدة الوجود الطبيعية (Naturalistic Pantheism)
دي فكرة منتشرة عند ناس ملحدين أو لادينيين، بيقولوا :
مش لازم نسمي الكون "إله"، بس الكون بكل عظمته وروعة قوانينه مقدّس في ذاته.
يعني بدل ما نعبد ربنا التقليدي، إحنا بنبجل الكون والطبيعة.
=============
وحدة الوجود الحلولية (Panentheism)
ودي مختلفة شوية :
هنا بيقولوا إن ربنا في الكون، لكنه برضه أكبر من الكون.
يعني الكون جزء من ربنا، بس ربنا مش مقتصر على الكون.
يعني الله في الكون والكون في الله، لكن الله برضه أعظم وأشمل من الكون. يعني مش بالظبط مساوي ليه، لكن الكون جزء من وجوده.
=============
ليه ناس اتأثرت بيها ؟
بتدي إحساس بوحدة كل شيء، وده بيريح ناس كتير وجوديا.
بتقرب العلاقة بين الإنسان والطبيعة، وبتخلي عندك احترام أكتر للعالم حواليك.
ناس بتحس إنها حل وسط بين الإيمان التقليدي والإلحاد.
وفي العصر الحديث، البانثيزم اتربط بالبيئة والطبيعة والعلوم، يعني ناس بتشوف الطبيعة كلها مقدسة، حتى من غير ما يسموها "إله".
يعني في العصر الحديث مع تزايد الوعي البيئي، اتعرف شئ اسمه
(Green Pantheism).
الي مويدين للتيار ده بيقولوا الطبيعة ككيان مقدس أو كتجلٍّ للإله بيمنحنا دافع أخلاقي وروحي قوي للحفاظ عليها وحماية الكوكب من الدمار، بدل من النظر ليها كمجرد مورد للاستهلاك
في ناس بياخدوها من طريقين و فهمين مع اختلاف الانواع.
يا إما حاجة روحية شاعرية بتقول إن كل شيء مرتبط بالله
يا إما عقيدة فلسفية دقيقة بتلغي الفصل بين الله والعالم.
=============
نيجي بقي لباروخ سيبينوزا الي هو يعتبر الاب الروحي و الشارح الدقيق لهذه الفلسفة بشكل عقلي و فلسفي و رياضي بحت :
باروخ سبينوزا (1632-1677) كان فيلسوف هولندي من أصول برتغالية، اشتهر بنظرته الفلسفية العميقة واللي قالت إن في حاجة واحدة بس في الكون، إنها "الله أو الطبيعة"
(Deus sive Natura)
. الفكرة الأساسية بتاعته إنها بتجمع بين الاهتمام العلمي بالعالم وفهمه، وبين رؤية فيها الله مش كيان فوق، ولا ليه إرادة شخصية، لكن هو جوهر كل حاجة موجودة. الكل جزء منه والكل فيه.
=============
هنا هنيجي من لشرح تفصيلي من كتابه Ethics :
نبدا باول شئ و هو شرحه في كتابه و الي منها شرح حاجات كتير بعده لما مهد منه و هو الجوهر ان الاله او الطبيعة هو جوهر كل شئ و الباقي مجرد تجليات او صور له :
الجوهر والصفات :
الجوهر سابق في الطبيعة على تأثيراته
Ethics. Part I, Proposition 1.
سبينوزا هنا بيستخدم الأسلوب الهندسي الي موجود زيه في كتاب
Euclid's Elements
لإقليدس. في الهندسة، بتبدأ البراهين من تعريفات ومسلمات أساسية، بعدي بيتم بناء الاستنتاجات عليها. سبينوزا بيعرف الجوهر بأنه الكيان الأولي المستقل الي مش بيعتمد علي آخر لوجوده، في حين التأثيرات (الصفات والأنماط) تعتمد عليه. ده زي العلاقة بين النقطة والخط في الهندسة : النقطة هي الأساس، والخط بيبنى منها. بمعنى تاني، الجوهر (الله) هو الأساس الي بتنبثق منه كل حاجة، ده بيدعم فكرة وحدة الوجود.
يعني سبينوزا في كتابه الأخلاق اشتغل زي إقليدس في الهندسة. يعني بدأ بـ تعريفات (Definitions)، وبعدها حط قواعد أساسية (Axioms)، وبعدين طلع منها إثباتات (Propositions) خطوة خطوة.
كل الفكرة اللي بيلف حواليها إنه فيه حقيقة واحدة بس، ومش ممكن يكون فيه أكتر من أصل واحد للوجود.
وده اللي بنسميه النهارده المونيزم (Monism) يعني إن كل الوجود حاجة واحدة مش متفرقة. الفلسفة دي بتوصل في الآخر لفكرة وحدة الوجود أو البانثيزم (Pantheism)، اللي بتقول إن الله والكون مش منفصلين، هما في الآخر نفس الحقيقة.
=============
وحدة الجوهر :
"في الكون، لا يمكن أن يكون هناك جوهرين أو أكثر من نفس الطبيعة أو الصفة
Ethics. Part I, Proposition 5.
لا يمكن أن يكون في الكون أكثر من مادة واحدة
Ethics. Part I, Proposition 14.
هنا بيستخدم المنطق الرياضي لإثبات وحدة الوجود. نقدر نشبه ده ببرهان هندسي بيقول إنه ميقدرش يمر أكثر من خط واحد بنقطتين محددتين في مستوى واحد. سبينوزا بيجادل بأنه لو كان في أكثر من جوهر واحد بنفس الطبيعة أو الصفة، لكان هناك تناقض منطقي، لأن الجوهر يُعرّف باستقلاله التام. لذا، يستنتج أن هناك جوهر واحد فقط (الله)، وهو الذي يحتوي على جميع الصفات، مما يؤكد أن كل شيء في الكون هو تعبير عن هذا الجوهر الواحد.
=============
الله كسبب ذاتي :
بما هو سبب ذاتي، أعني ذلك الذي يتضمن جوهره الوجود، أو ذلك الذي لا يمكن تصور طبيعته إلا كموجود.
Ethics. Part I, Definition I.
سبينوزا هنا بيستخدم مفهوم رياضي زي فكرة العدد الذي يساوي نفسه (زي 1=1). الله، كسبب ذاتي، هو الكيان الوحيد الي مش بيحتاج لسبب خارجي لوجوده، لأن وجوده جزء لا يتجزأ من جوهره. ده شبه في الهندسة تعريف النقطة كوحدة أساسية لا تحتاج إلى شيء آخر لتوجد. سبينوزا بيستخدم ده عشان يبرهن أن الله هو الوجود الوحيد الحقيقي، وأن كل شيء آخر يعتمد عليه، ده بيعزز فكرة وحدة الوجود.
=============
الأنماط والجوهر :
"الأشياء الخاصة ليست سوى تأثيرات صفات الله، أو أنماط يتم من خلالها التعبير عن صفات الله بطريقة معينة ومحددة.
Ethics. Part I, Proposition 25, Corollary.
سبينوزا بيشبه الأنماط (modes) بالنقاط على خط مستقيم في الهندسة. الخط هو الجوهر (الله)، والنقاط هي تعبيرات محددة عن هذا الخط. كل شيء في الكون (الأشياء الخاصة) هو نمط أو تعبير عن صفات الله، مثل التفكير أو الامتداد. هذا المثال الهندسي يوضح أن كل ما نراه في العالم مش منفصل عن الله، بل هو جزء منه، ده بيدعم فكرة أن الله والطبيعة واحد.
==============
العلاقة بين الجوهر والصفات :
"كلما زادت واقعية أو كينونة الشيء، زادت صفاته.
Ethics. Part I, Proposition 9.
هذا المثال بيشبه العلاقة بين الأبعاد في الهندسة. شكل ثنائي الأبعاد (زي المربع) فيه طول وعرض، بينما شكل ثلاثي الأبعاد (زي المكعب) يضيف العمق، مما يجعله "أكثر واقعية". سبينوزا يقول إن الله، كونه الجوهر الوحيد ذو الصفات اللانهائية، فيه أعلى درجة من الواقعية. هذا يعني أن كل الصفات (مثل التفكير والامتداد) تنتمي إلى الله، ده بيؤكد أن الله هو الكل في الكل.
=============
ديه مقتطفات تانية ترجمتها من كتابه للتعمق بخصوص فكره عن الاله او الطبيعة :
بالله، أفهم كائنًا مطلقًا لا نهائيًا، أي جوهرًا يتكون من صفات لا نهائية، كل منها يعبر عن جوهر أبدي ولا نهائي
Ethics. Part I, Definition VI.
إلى جانب الله، لا يمكن أن يكون هناك جوهر ولا يمكن تصوره.
Ethics. Part I, Proposition 14.
كل ما هو موجود، هو في الله، ولا شيء يمكن أن يكون أو يُتصور بدون الله.
Ethics. Part I, Proposition 15.
"لا يحدث في الطبيعة شيء يمكن أن يُعزى إلى أي عيب فيها؛ لأن الطبيعة هي دائمًا نفسها، وفضيلتها وقوتها في الفعل هي في كل مكان واحدة ونفسها
Ethics. Part IV, Preface.
الله هو السبب الفاعل ليس فقط لوجود الأشياء، بل أيضًا لجوهرها.
Ethics. Part I, Proposition 25, Scholium.
كلما فهمنا الأشياء الفردية أكثر، كلما فهمنا الله أكثر
Ethics. Part V, Proposition 24.
عقلنا، بقدر ما يفهم، هو نمط أبدي من التفكير، يحدده نمط أبدي آخر من التفكير، وهذا بدوره يحدده آخر، وهكذا إلى ما لا نهاية؛ بحيث تشكل جميعها معًا العقل الأبدي واللا نهائي لله
Ethics. Part V, Proposition 30.
=============
سبينوزا تأثر بشكل كبير بـرينيه ديكارت، الفيلسوف الفرنسي الي استخدم الأسلوب الهندسي في كتابه "التأملات" و"مبادئ الفلسفة". ديكارت قدم أفكاره بطريقة منظمة زي البراهين الرياضية، مع تعريفات ومسلمات يبني عليها استنتاجاته. سبينوزا تبنى نفس الأسلوب في "الأخلاق"، لكنه اختلف عن ديكارت في النقط ديه :
الجوهر :
ديكارت رأى أن هناك ثلاثة جواهر منفصلة: العقل، الجسم، والله. أما سبينوزا فجادل بأن هناك جوهر واحد فقط (الله)، وأن العقل والجسم هما صفتان لهذا الجوهر.
العلاقة بين العقل والجسم :
ديكارت اعتقد أن العقل والجسم منفصلان ولكنهما يتفاعلان بطريقة غامضة. سبينوزا رفض الانفصال ده، وقال إن العقل والجسم هما تعبيران مختلفان لنفس الجوهر، زي وجهين لعملة واحدة.
سبينوزا أخذ الأسلوب الهندسي من ديكارت، لكنه طور أفكاره الخاصة ليصل إلى رؤية وحدة الوجود، حيث الله هو الطبيعة نفسها، وكل شيء في الكون هو جزء منه.
==========================
نيجي بقي للنقد الفلسلفي لفكرة وحدة الوجود ككل و لفكر سيبينوزا خصوصا :
(مشكلة الشر والمعاناة)
لو كل حاجة هي الله أو تجلّي الله، طيب الشر والمعاناة مكانهم فين ؟
هل الشر ده جزء من ربنا ؟
لو آه، يبقى ربنا في جزء منه ناقص أو فيه ظلم
ولو لأ، يبقى فيه حاجة خارجة عن ربنا وساعتها فكرة مفيش غير مادة واحدة تقع.
يعني النظرية دي مش بتقدر تفسر وجود الألم والشر تفسير مقنع، ودي نقطة ناس كتير مسكت عليه فيها.
مثلا لما تحصل كارثة طبيعية مدمرة زي زلزال أو فيضان، أو ينتشر مرض قاتل، المؤمن بوحدة الوجود بيلاقي نفسه في مشكلة : هل الدمار والمعاناة دي جزء من طبيعة ربنا ؟ لو آه، يبقى ربنا مش كامل أو قاسي. ولو لأ، يبقى فيه شر بره عن سيطرة ربنا، وده بينسف فكرة إن ربنا هو كل حاجة
=====
(مشكلة الحرية والمسؤولية)
سبينوزا قال إن كل حاجة بتحصل بالضرورة، يعني مفيش اختيار حقيقي. حتى إحساسك إنك حر هو بس لأنك مش شايف الأسباب كلها.
طب لو مفيش حرية، يبقى الإنسان مش مسؤول عن أفعاله
وساعتها الأخلاق نفسها تبقى ملهاش معنى، لأنك مضطر تعمل اللي بتعمله
دي مشكلة أخلاقية كبيرة جدا، لإن أي فلسفة مش بتسيب مساحة للحرية والمسؤولية بتوقع نظام القيم و كمان الفكر ده بيفتح باب للنسبية الاخلاقية و ده قتل لكل معاني الاخلاق و الكرامة و العدل الي بتقول مفيش صح مطلق او غلط مطلق و ده بدوره بيفتح باب لكل انواع الجرائم من باب مفيش صح مطلق او غلط مطلق.
و النقد ده مجيش من فراغ، ده جه من فلاسفة كبار زي غوتفريد لايبنتس اللي كان عايش في نفس وقت سبينوزا وانتقده جامد. لايبنتس شاف إن فكرة الجوهر الواحد الحتمي عند سبينوزا بتلغي فردية الكائنات واستقلالها، وبتحول العالم لالة صارمة، وده بيتعارض مع فكرة إن فيه حكمة إلهية بتختار أفضل العوالم الممكنة، واللي بتستلزم وجود كائنات حرة ومستقلة.
=====
(مشكلة المعنى والهدف)
لو الكون كله مجرد نتيجة حتمية لقوانين طبيعية، يبقى مفيش غاية أو هدف أسمى، ولا فيه حكمة ورا اللي بيحصل.
الإنسان يبقى مجرد ترس صغير في ماكينة ضخمة، وده بيخلي الحياة شكلها ميكانيكي بحت.
ناس كتير شايفة إن ده بيحبط وبيقتل أي روحانية أو معنى أعمق للحياة و كمان بيسبب اكئتاب و ممكن انتحار.
=====
(مشكلة المعرفة والحدود)
سبينوزا افترض إن العقل البشري يقدر يوصل للسلام عن طريق المعرفة البديهية للكون.
لكن كتير شايفين إن المعرفة دي محدودة جدًا، ومش ممكن العقل يعرف الحقيقة الكاملة عن الكون أو ربنا.
ففلسفته معتمدة على فكرة مثالية شوية إن الإنسان ممكن يعرف كل حاجة لو فهم القوانين، وده صعب جدا
===================================
فلسفة سبينوزا عن وحدة الوجود كانت محاولة عبقرية لدمج العقل والعلم مع الروحانية، فشاف ربنا كحقيقة مطلقة بتظهر في الطبيعة كلها، واعتبر إن الكون مش منفصل عن الله بل هو الله نفسه في صورة مختلفة. الفكر ده فتح أبواب جديدة لفهم علاقتنا بالعالم ولإحساسنا بوحدة كل حاجة حوالينا و ممكن يخلي الناس اكتر رحمة بالبيئة و الحيوانات و الطبيعة.
لكن في نفس الوقت، الفلسفة دي وقعت في مشاكل تقيلة :
صعب تفسر بيها الشر والمعاناة.
بتلغي الحرية والمسؤولية الأخلاقية.
بتقلل الفرق بين الخالق والمخلوق وبتخلي ربنا محدود.
بتخلي الحياة بلا هدف نهائي أو معنى روحي عميق.
عشان كده، وحدة الوجود فضلت فكرة جذابة للبعض، خصوصا اللي بيدوروا على إحساس روحي بالطبيعة، لكنها مرفوضة عند ناس كتير دينيا وفلسفيا. وفي الآخر، سبينوزا ساب تراث فلسفي كبير بيخلينا نفكر :
(هل ربنا موجود في كل شيء ؟ ولا كل شيء هو ربنا ؟ ولا لازم نفضل مميزين بين الخالق والخلق عشان المعنى يفضل قائم ؟)
==============================
في الآخر، ممكن نلخص المعضلة كلها في إن وحدة الوجود بتدي فايدة روحية كبيرة عن طريق إنها تمنح الإنسان إحساس بالاتحاد العميق مع الكون، لكنها في المقابل بتخلق خطر فلسفي كبير لما بتطمس التمييز الضروري بين الخالق والمخلوق، وده ممكن يفتح الباب لمشاكل أخلاقية ومعنوية كبيرة.

Siervo De Jehová
بواسطة : Siervo De Jehová
"لكي تجثو باسم يسوع كل رُكْبَةٍ" (في 2: 10)
Comments