اصالة الكنائس المشرقية الغير خلقدونية
بسم الاب و الابن و الروح القدس الاله الواحد .امين.:
#فهم_العقيدة
=====================================
اصالة الكنائس المشرقية الغير خلقدونية
=====================================
طيب قبل عرض اي شئ المقالة ديه مش هدفها التقليل من اي كنيسة صديقة سواء من اخواتي الكاثوليك او الروم الارثوذكس بل هي عرض دراسات بحثية لباحثين مهمين و مرموقين في مجال دراسة المسيحية المبكرة بهدف شرح سوء الفهم و الافتراءات المتعلقة بتاريخ الكنائس المشرقية (الغير خلقدونية) الي هم (الكنيسة القبطة و السريانية و الارمينة و الحبشية و الهندية السريانية).
و الرد علي الاتهامات الغير امينة بان هذه الكنائس غير ارثوذكسية او (هرطوقية) او غير ابائية او منشقة الي اخره.
=====================================
في ناس كتير فاكرين إن الكنائس غير الخلقدونية خرجت برا الإيمان الصح أو ابتعدت عن العقيدة المسيحية السليمة بسبب رفض مجمع خلقيدونية، وده كلام مش دقيق و غير امين..
في الحقيقة، كتير من المؤرخين والباحثين المسيحيين، سواء غربيين أو شرقيين، بروتستانت, انجليكان, أرثوذكس قالوا شهادات قوية بتؤكد إن الكنائس دي حافظت على الإيمان القديم زي ما كان بدون اضافة فلسفة غير ضرورية او اعادة صياغة العقائد خارج فهم الكنيسة الجامعة بصيغ غريبة او جديدة ممكن تؤدي لفهم خاطئ ، وإنهم مش هراطقة ولا خرجوا برا العقيدة. وده اللي هنشوفه دلوقتي.
=====================================
فيه نقطة مهمة جداً لازم نفهمها عشان الصورة تبقى واضحة. كتير بيتقال على الكنايس دي لقب مونوفيزيت
(Monophysite)
، وده وصف خاطئ وبيسبب كل اللخبطة
المونوفيزيتية دي هرطقة واحد اسمه أوطاخي. الراجل ده قال إن طبيعة المسيح البشرية دابت في طبيعته الإلهية زي نقطة خل في المحيط. يعني الطبيعة البشرية اتلاشت ومبقاش ليها وجود حقيقي. الكنايس القبطية والسريانية بترفض الهرطقة دي بتحرمها.
لكن عقيدة الكنايس دي اسمها ميافيزيت (Miaphysite).
الكلمة دي استخدمها القديس كيرلس الكبير نفسه الي هو وقتها كان بوصلة التعليم السليم لكل العالم المسيحي وقتها، ومعناها طبيعة واحدة لله المتجسد قال نصا : (ميا فيزيس تو ثيئولوجو سيساركو مينى). يعني إيه ؟ يعني الطبيعتين، الإلهية (اللاهوت) والبشرية (الناسوت)، اتحدوا مع بعض في شخص المسيح وصاروا طبيعة واحدة للمسيح المتجسد، بس "بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير". الطبيعتين لسه موجودين ومحتفظين بكل خواصهم جوه الاتحاد ده.
باختصار: "مونوفيزيت" = طبيعة واحدة بتبلع التانية (هرطقة). "ميافيزيت" = طبيعة واحدة متحدة من الاتنين (عقيدة الكنائس المشرقية). الخلط بينهم هو أساس سوء الفهم التاريخي.
طب ليه الطرف التاني (الخلقدونيين) كانوا قلقانين ؟
عشان نكون منصفين، لازم نفهم الطرف التاني كان بيفكر في إيه. الكنائس الخلقدونية (الروم الأرثوذكس والكاثوليك) كانوا قلقانين من صيغة "طبيعة واحدة" بتاعة القديس كيرلس. ليه ؟ لأن بعد ظهور هرطقة أوطاخي اللي استخدم نفس المصطلح (طبيعة واحدة) بس فهمه غلط، هما خافوا إن أي حد يستخدم الصيغة دي من غير توضيح كافي، ممكن الناس تفهمها بطريقة أوطاخي. عشان كده، هما أصروا في مجمع خلقيدونية على استخدام صيغة "في طبيعتين" عشان يقطعوا الشك باليقين ويؤكدوا إن الطبيعة البشرية للمسيح حقيقية وكاملة وماتلاشتش. المشكلة إن الطرف اللاخلقدوني شاف إن صيغة "في طبيعتين" دي ممكن تفتح الباب لهرطقة نسطور (اللي بيفصل بين الطبيعتين لدرجة كأنهم شخصين)، وشافوا إن صيغة القديس كيرلس الأصلية "طبيعة واحدة لله المتجسد" كافية وآمنة طالما مفهومة صح. يعني الخلاف كان أغلبه خوف من سوء الفهم، وتمسك كل طرف بصيغة لاهوتية شاف إنها الأمن والأدق للحفاظ على الإيمان السليم
لكن مش كله خلاف سوء فهم بردو الاسباب السياسية و تدخل الامبراطور ماركيان بالضغوط و الاكراه و محاولة فرض عقيدة ممكن تتفهم بسوء او نسطرة اثر بالسلب في الحوار بجانب نبرة التعالي من بطاركة روما و القسطنطينية خلت الحوار صعب و يكون في عنف و حده من جهة بطرك الكنيسة القبطية (القديس ديوسقورس) و ده الي خلي البطاركة الخلقدون ياذوه و من كلام القديس ديوسقورس :
"أنا أقبل 'من طبيعتين' (ἐκ δύο φύσεων / ek duo physeon)
، ولكني لا أقبل 'في طبيعتين' (ἐν δύο φύσεσιν / en duo physesin).
أنا لن أتجاسر على قطع الرب يسوع إلى طبيعتين بعد الاتحاد."
"إن كنت سأُقطع إرباً، لن أقول أبداً 'في طبيعتين'."
Price, R., & Gaddis, M. (Eds.). (2005). The Acts of the Council of Chalcedon (Vol. 1). Liverpool University Press. (Translated Texts for Historians).
Acts of Chalcedon, Session I, §915
=====================================
نبدأ بأول شخص :
سيباستيان بروك (Sebastian Brock)
واحد من أكبر الباحثين في الدراسات السريانية، أنجليكاني الأصل، وبعد كده بقى أرثوذكسي سرياني. يعني راجل عاش التجربتين قال نصا :
إن التقليد السرياني... يمكنه أن يقدم منظورًا جديدًا وقيمًا، منظور غالبًا ما يكون أقرب بكثير إلى عالم الكتاب المقدس من ذلك الذي اعتدنا عليه من التقليدين اليوناني واللاتيني. لقد تمكن المشرق السرياني، لمجموعة متنوعة من الأسباب التاريخية، من أن يحافظ، حتى يومنا هذا، على العديد من السمات المبكرة لحياة وفكر الكنيسة الأولى، وهي السمات التي ضاعت لاحقًا، أو تم التعتيم عليها، في التقليدين اليوناني واللاتيني
Sebastian Brock, "The Syriac Orient: A Third ‘Lung’ for the Church?", The Harp journal, Vol. 10.
بروك بيروح لابعد من "المحافظة" بيقول إن التقليد السرياني (و الغير خلقدوني ضمنيا) حافظ على سمات من الكنيسة الأولى ضاعت في روما و القسطنطينية، وأنه أقرب لروح الكتاب المقدس.
=====================================
روبرت موراي (Robert Murray)
واحد من كبار المتخصصين في التراث السرياني خلاصة كلامه في كتابه :
"التقليد السرياني يمثل تيارًا ثالثًا في المسيحية المبكرة، بجانب اليوناني واللاتيني، بثرائه اللاهوتي الخاص. طقوسه وشعره يحفظان عناصر أقدم من تلك الموجودة في بيزنطة أو روما."
Robert Murray, Symbols of Church and Kingdom: A Study in Early Syriac Tradition.
=====================================
سوزان أشبروك هارفي (Susan Ashbrook Harvey)
باحثة أمريكية متخصصة في المسيحية السريانية المبكرة خلاصة كلامها في كتابها :
"لم تكن الكنيسة السريانية الأرثوذكسية بدعة بل كانت حارسة أمينة للتقاليد اللاهوتية الأنطاكية، التي أكدت على إنسانية المسيح في استمرارية مع اليهودية."
Susan Ashbrook Harvey, Asceticism and Society in Crisis: John of Ephesus and the Lives of the Eastern Saints, 1990.
=====================================
كريستين شاينر (Christine Shepardson)
مؤرخة أمريكية متخصصة في الخلافات اللاهوتية حول طبيعة المسيح خلاصة كلامها في كتابها :
"غير الخلقيدونيين لم يكونوا هراطقة، بل محافظين لاهوتيًا قاوموا فرض صيغ جديدة إمبراطوريًا. كريستولوجيتهم كانت متجذرة في كتابات كيرلس المبكرة."
Christine Shepardson, Controlling Contested Places, 2014.
=====================================
جيسون بدوين (Jason Beduhn)
باحث متخصص في المسيحية الشرقية والتاريخ المسيحي المبكر خلاصة كلامه في كتابه :
"مصطلح 'مونوفيزيت' هو لقب جدالي. الأقباط والسريان اعترفوا بـ'طبيعة واحدة متجسدة' (ميا فيزيس) كما فعل كيرلس، وليس إنكارًا لإنسانية المسيح."
Jason Beduhn, "The Myth of Monophysitism", Journal of Early Christian Studies, 2010.
=====================================
ج. ن. د. كيلي (J. N. D. Kelly)
واحد من أكبر و اهم المؤرخين الإنجليكان في العقيدة المسيحية قال نصا :
يجب أن نتذكر أن ديوسقورس، بغض النظر عن أساليبه العنيفة احيانا في الرد نتيجة ضغوط خلقدونية، لم يكن مبتدعًا في العقيدة. كان شعاره هو 'إيمان نيقية'، وكان همه الوحيد هو أن يكون مخلصًا لتعليم كيرلس، الذي كرر صيغه بشكل رتيب، بما في ذلك الصيغة الشهيرة 'طبيعة واحدة متجسدة للكلمة' (ميا فيزيس تو ثيؤ لوغو سيساركومينى). كان خطؤه، من وجهة النظر الخلقيدونية، هو عدم قدرته على رؤية أن تعليم كيرلس اللاحق قد تجاوز هذه الصيغ التي أصبحت الآن قديمة.
J.N.D. Kelly, Early Christian Doctrines, 5th Revised Edition, p. 343.
كيلي بيقول نصًا بأن عقيدة ديوسقورس (عقيدة الكنيسة القبطية) لم تكن بدعة جديدة، بل كانت تمسك حرفي وأمين بتعليم القديس كيرلس الذي كان يعتبر قمة الأرثوذكسية في ذلك الزمان
=====================================
ديفيد بنتلي هارت (David Bentley Hart)
لاهوتي وفيلسوف أرثوذكسي ، بيكتب عن الفكر المسيحي بعمق كبير خلاصة كلامه في كتابه :
"لاهوت الكنيسة القبطية ليس انحرافًا، بل حفظًا لفكر المدرسة الإسكندرية التي هيمنت على المسيحية المبكرة."
David Bentley Hart, "The Myth of Schism", 2003.
=====================================
جون أنتوني ماكغوكين (John Anthony McGuckin)
مؤرخ أرثوذكسي بريطاني متخصص في تاريخ الكنيسة الشرقية خلاصة كلامه في كتابه :
"مصطلح 'مونوفيزيت' مغلوط عند تطبيقه على القبط. إنهم يعترفون بطبيعة واحدة متجسدة للكلمة (حسب كيرلس)، وليس إنكار لإنسانية المسيح."
John Anthony McGuckin, The Encyclopedia of Eastern Orthodox Christianity, 2011.
=====================================
تيموثي وير (Timothy Ware)
مؤرخ أرثوذكسي إنجليزي و اسقف مؤثر، متخصص في الكنيسة البيزنطية كان انجليكاني لكنه تحول للارثوذكسية اليونانية قال و شهادته مهمة جدا قال نصا :
"الكنيسة القبطية ليست جماعة منشقة، بل كنيسة شقيقة لها تقليد لاهوتي شرعي... رفضهم لمجمع خلقيدونية كان مبنيًا على تمسك صادق - وإن كان صارمًا - بلغة كيرلس الإسكندري."
Timothy Ware, The Orthodox Church, 3rd edition, 1993.
=====================================
ياروسلاف بيليكان (Jaroslav Pelikan)
كان لوثري وبعدين بقى أرثوذكسي، ومؤرخ مؤثر في تطور العقيدة المسيحية قال نصا :
كانت الكريستولوجيا (عقيدة المسيح) لدى 'المونوفيزيت' [يقصد بهم غير الخلقيدونيين] تفسيرًا أثريًا (archaizing) ومحافظًا للتقليد، حيث طابقوا بين حقيقة الإنجيل وصيغ كيرلس والمجامع التي سبقت خلقيدونية... لذلك، كانوا يعترفون بعقيدتهم في المسيح باعتبارها 'إيمان الآباء الـ 318 [مجمع نيقية]، الذي ثبته الـ 150 [مجمع القسطنطينية]، وعرّفه الـ 200 [مجمع أفسس]'.
Jaroslav Pelikan, The Christian Tradition: A History of the Development of Doctrine, Vol. 2: The Spirit of Eastern Christendom (600–1700), p. 41.
هنا فيه نقطة مهمة جداً. بيليكان استخدم كلمة "مونوفيزيت"، وده ممكن يلخبط حد. لكن لازم نفهم إن في وقته (ولحد وقت قريب في الأوساط الأكاديمية الغربية)، كان ده المصطلح الشائع لوصف الكنائس دي، حتى لو هو مش دقيق لاهوتياً. الفكرة مش في الكلمة اللي استخدمها، الفكرة في المعنى اللي قاله. هو بيقول إن الناس دي كانت "محافظة" (conservative) و أثرية" archaizingيعني متمسكين بالقديم، مش بيبتدعوا حاجة جديدة. هما كل همهم كان الحفاظ على إيمان مجامع نيقية والقسطنطينية وأفسس، وبالذات صيغ القديس كيرلس الكبير. فبيليكان هنا مش بيتهمهم بالهرطقة، بالعكس، هو بيشهد إن موقفهم كان موقف دفاعي عن التقليد القديم زي ما هو، ورفض لأي صيغ جديدة أو "تطوير" شافوه مش ضروري زي اللي حصل في خلقيدونية. شهادته في جوهرها بتأكد أصالة موقفهم، و ان استخدم مصطلح غير دقيق..
=====================================
وليام فريدلوج (William Frend)
مؤرخ إنجليزي متخصص في تاريخ الكنيسة الأولى خلاصة كلامه في كتابه :
"الكنيسة القبطية لم تكن تمردًا على الأرثوذكسية، بل استمرارًا للتقليد الإسكندري الذي رفض المساومة مع السياسة الإمبراطورية."
William Frend, The Rise of Christianity.
=====================================
صموئيل هيو موفات (Samuel Hugh Moffett)
مؤرخ أمريكي في تاريخ الكنيسة في آسيا بيقول :
"الكنائس القبطية والسريانية لم تكن انحرافًا، بل التيار المسيحي الرئيسي في مصر وبلاد ما بين النهرين قبل خلقيدونية بزمن طويل. بقاؤها يثبت تماسكها اللاهوتي."
Samuel Hugh Moffett, A History of Christianity in Asia, 1998.
=====================================
سيدني جريفيث (Sidney H. Griffith)
باحث كبير أمريكي، متخصص في دراسات المسيحية الشرقية، خاصة في العصور الإسلامية. درس تأثير الإسلام على الكنائس الشرقية زي القبطية والسريانية، وكتب كتير في مجال الحوار الإسلامي المسيحي قال نصا :
"طورت الكنائس السريانية والقبطية هوية لاهوتية قوية تحت الحكم الإسلامي، مما يثبت مرونتها لا ضعفها. أدبها ازدهر حين اضطهدتها بيزنطة."
Sidney H. Griffith, The Church in the Shadow of the Mosque, Princeton University Press, 2008.
=====================================
ومن خلال شهادات كبار المؤرخين والباحثين الأكاديميين الي زي معرضت كلهم خلقدون يعني شهادة ثمينة و غالية، من خلفيات مختلفة فكرية و طائفية، بنشوف إن الكنائس غير الخلقيدونية زي القبطية والسريانية، مش بس حافظت على الإيمان الأرثوذكسي القديم، لكن كمان طورت تقاليدها بمرونة دون ادخال او مصطلحات او صيغ غريبة او جديدة او فلسفية غير ضرورية بكل حكمة و قوة رغم الصعوبات السياسية والدينية اللي واجهتها.
اللي كان بيتقال ان هذه الكنائس "هراطقة" أو "منشقين"، مجرد سوء فهم أو تشويه تاريخي سواء كان متعمد او لا، والدراسات الحديثة بتنصفهم وبتأكد على أصالة وعمق إيمانهم.
في النهاية، اللي حافظ على الإيمان مش دايما اللي تابع الأغلبية، لكن اللي فضل أمين على تعليم الآباء و الرسل مهما كانت التكلفة.
=====================================
و سلام المسيح مع جميعكم.
#فهم_العقيدة
by siervo
pero
اكتب رأيك في هذه المقالة