(Γαλακτοτροφούσα)
تعتبر من أعمق الشهادات الأيقونية في تراث الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وبتجسد إعلان حي من الكنيسة إن "الكلمة صار جسد" زي ما بيقول إنجيل يوحنا ١ :١٤، مش بشكل مجازي ولا رمزي، لكن اتحاد حقيقي وأقنومي بالطبيعة البشرية. المشهد اللي فيه العذراء بترضع الطفل الإلهي مش مجرد صورة أمومة عادية، لكن دليل لاهوتي قوي ضد البدع اللي أنكرت إن المسيح ليه جسد حقيقي، زي بدعة الدوسيتية اللي قالت إنه كان جسد وهمي، أو الأبولينارية والنَّسطورية اللي شوهوا فكرة الاتحاد الأقنومي. هنا بنشوف إن الإبن الأزلي، المولود من الآب قبل كل الدهور، في ملء الزمان اتولد من العذراء مريم بالروح القدس، وخد منها لحم ودم ولبن، وده بيأكد إن خلاص البشرية حصل عن طريق جسده الحقيقي القابل للألم والموت، مش عن طريق جسد خيالي.
ومن الناحية الفنية، الجداريات دي اتعملت بأسلوب الفريسكو، يعني الألوان بتترسم على الجص وهو طري، فتندمج فيه وتخلي اللوحة تعيش قرون وألوانها تفضل زاهية. الفنان القبطي قدر يحط لاهوت في التقنية واللون، وخلّى المشهد أيقونة تعليمية مش مجرد ديكور. العيون الواسعة بترمز للبصيرة الروحية، والهالات الذهبية إعلان عن المجد الإلهي، وكل التكوين بيحافظ على مركزية الأم والطفل كرمز لوحدة سر التجسد الإلهي.
ومع الوقت، النوع ده من الأيقونات تقريباً اختفى من مصر من حوالي القرن الـ ١٢، غالباً بسبب انتشار الثقافة الإسلامية اللي كانت شايفة إن كشف الثدي في الفن حاجة مش لائقة. لكن رغم كده، صورة الأم المرضعة فضلت مألوفة في الريف المصري من غير أي حرج، لأنها كانت حاجة طبيعية بتعبر عن الحياة واستمرارها.
في الآخر، الجداريات دي بتفضل دفاع صامت لكنه واضح، بيعلن إن مريم هي "والدة الإله"
(Θεοτόκος)
زي ما أقر مجمع أفسس المسكوني سنة ٤٣١م، وإن اللي رضع من ثديها هو نفسه مانح الحياة لكل الخليقة في الرد علي هرطقة نسطور
و بردو ردت علي هرطقة اوطاخي الي قال ان انسانية المسيح ذابت في اللاهوت في نفي لهذه الهرطقة من جذورها في تقليد الاباء الكرام و تعاليم الكنيسة من خلال نصوص الاباء و الايقونات
الجداريات النادرة دي لسه موجودة في شوية أديرة قبطية قديمة، زي الدير الأحمر في سوهاج، ودير الأنبا أرميا في سقارة، ودير الواحات الخارجة، ودير السريان في وادي النطرون، ودير الأنبا أبولو في باويط، وكلها شاهد حي على إيمان الكنيسة وفنها العميق عبر القرون.
و ديه مجموع منها :
اكتب رأيك في هذه المقالة